أمل جديد لمرضى الحساسية: باحثون يطورون لقاحًا واعدًا
تؤثر الحساسية، سواء كانت غذائية أو موسمية أو مرتبطة بالربو، بشكل كبير على جودة حياة الإنسان. لعقود من الزمن، كان العلاج الأساسي يقتصر على التحكم في الأعراض باستخدام أدوية مثل مضادات الهيستامين والستيرويدات، أو الخضوع لعلاجات مناعية طويلة وقد لا تكون فعالة دائمًا. ومع ذلك، هناك موجة جديدة من الأبحاث تبعث الأمل لملايين الأشخاص. يركز العلماء الآن على تطوير لقاحات يمكنها علاج السبب الجذري للحساسية عن طريق تدريب الجهاز المناعي على عدم المبالغة في رد فعله تجاه المواد غير الضارة.
العلم وراء اللقاح الجديد
يستهدف النهج الجديد الآلية الأساسية للتفاعلات التحسسية. عندما يتعرض شخص مصاب بالحساسية لمادة مثيرة للحساسية — مثل حبوب اللقاح أو الفول السوداني أو عث الغبار — يخطئ جهازه المناعي في تحديدها كتهديد. يؤدي هذا إلى إنتاج نوع معين من الأجسام المضادة يسمى الغلوبولين المناعي E (IgE). ترتبط هذه الأجسام المضادة من النوع IgE بالخلايا البدينة (mast cells)، وعند التعرض مرة أخرى للمادة المثيرة للحساسية، فإنها تشير إلى إطلاق مواد كيميائية مسببة للالتهابات مثل الهيستامين، مما يؤدي إلى ظهور الأعراض المألوفة لرد الفعل التحسسي.
تم تصميم اللقاح الجديد لتجاوز هذه الاستجابة المناعية الإشكالية. بدلاً من استخدام مادة مثيرة للحساسية نقية لإزالة الحساسية من الجسم، وهو أساس حقن الحساسية التقليدية، تستخدم هذه اللقاحات الجديدة استراتيجية مختلفة. يستكشف الباحثون طرقًا متنوعة، منها:
- العلاج المناعي الخاص بالمستضد: تستخدم هذه الطريقة جزيئات محددة من المادة المثيرة للحساسية لإعادة برمجة الجهاز المناعي. الهدف هو تحفيز نوع مختلف من الاستجابة المناعية، وهو النوع الذي ينتج جسمًا مضادًا “حاجبًا” يسمى الغلوبولين المناعي G (IgG) بدلاً من IgE. يمكن للـ IgG أن يرتبط بالمادة المثيرة للحساسية قبل أن تتاح لها فرصة إثارة تفاعل IgE مع الخلايا البدينة، مما يؤدي إلى تحييد التهديد بشكل فعال.
- اللقاحات القائمة على الحمض النووي (DNA) والحمض النووي الريبوزي (RNA): على غرار التكنولوجيا المستخدمة في بعض لقاحات كوفيد-19، يعمل الباحثون على تطوير لقاحات توجه خلايا الجسم لإنتاج بروتينات يمكنها إعادة برمجة الجهاز المناعي. يتيح هذا نهجًا أكثر دقة واستهدافًا، مما قد يقلل من الآثار الجانبية وعدد الجرعات المطلوبة.
- استخدام المواد المساعدة (Adjuvants): يستخدم العلماء أيضًا مواد تسمى “مواد مساعدة” لتعزيز فعالية اللقاح. يمكن لهذه المواد أن تساعد في توجيه الجهاز المناعي نحو استجابة الـ IgG المرغوبة وبعيدًا عن إنتاج الـ IgE الضار.
الفوائد المحتملة والتوقعات المستقبلية
أظهرت الدراسات الأولية والتجارب السريرية نتائج واعدة لهذه اللقاحات الجديدة. الفوائد المحتملة هائلة:
- راحة طويلة الأمد: على عكس الأدوية التي تتحكم في الأعراض، يمكن للقاح الناجح أن يوفر راحة طويلة الأمد أو حتى دائمة من التفاعلات التحسسية.
- آثار جانبية أقل: من خلال استهداف الاستجابة المناعية بشكل أكثر دقة، من المتوقع أن تكون لهذه اللقاحات الجديدة آثار جانبية أقل من حقن الحساسية التقليدية.
- استهداف أنواع متعددة من الحساسية: يمكن تكييف التكنولوجيا لإنشاء لقاح واحد يستهدف أنواعًا متعددة وشائعة من مسببات الحساسية، مثل مزيج من حبوب اللقاح وعث الغبار.
- الأمان: قد توفر منصات اللقاحات الجديدة، وخاصة تلك التي تستخدم الحمض النووي DNA أو الحمض النووي الريبوزي RNA، طريقة أكثر أمانًا لإدخال المادة المثيرة للحساسية إلى الجسم، مما يقلل من خطر حدوث رد فعل تحسسي شديد أثناء العلاج.












