أزمة نقص الدم في بريطانيا: دعوة وطنية عاجلة للتبرع… ما هي التفاصيل؟

الصحة والجمال

استمع الي المقالة
0:00

أزمة نقص الدم في بريطانيا: دعوة وطنية عاجلة للتبرع… ما هي التفاصيل؟

تُواجه المملكة المتحدة حالياً تحدياً صحياً كبيراً يتمثل في نقص حاد في إمدادات الدم، مما دفع هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) إلى إطلاق نداء عاجل لمواطنيها للتبرع بالدم. هذا النقص لا يُمثل مجرد إحصائية، بل يُهدد قدرة المستشفيات على إجراء العمليات الجراحية المجدولة، وعلاج مرضى السرطان، وتقديم الرعاية الطارئة لضحايا الحوادث، وحتى دعم عمليات الولادة. فما هي الأسباب وراء هذه الأزمة؟ وما هي تفاصيل الدعوة التي أطلقتها بريطانيا؟


الأسباب وراء نقص الإمدادات: تحديات مُتراكمة

لا يُمكن عزو أزمة نقص الدم في بريطانيا إلى سبب واحد، بل هي نتاج لعدة عوامل مُتداخلة:

  1. تداعيات جائحة كوفيد-19:

    • تأثيرات الإغلاق: خلال فترات الإغلاق والحجر الصحي، تراجعت أعداد المتبرعين بشكل كبير بسبب قيود الحركة والخوف من العدوى.
    • نقص الموظفين: تأثرت مراكز التبرع بالدم بنقص الموظفين، سواء بسبب الإصابة بالفيروس أو العزل، مما قلل من قدرتها على استقبال المتبرعين.
    • تغير عادات التبرع: بعض المتبرعين المنتظمين لم يعودوا إلى سابق عاداتهم بعد انتهاء الجائحة.
  2. ارتفاع الطلب على الدم:

    • العودة للعمليات المجدولة: بعد تأجيل العديد من العمليات الجراحية خلال الجائحة، عادت المستشفيات لاستئنافها، مما زاد من الحاجة للدم.
    • زيادة الحوادث والإصابات: مع عودة الحياة إلى طبيعتها، زادت أعداد الحوادث التي تتطلب نقل الدم بشكل عاجل.
    • علاج الأمراض المزمنة: يستمر الطلب على الدم لعلاج مرضى السرطان، أمراض الدم الوراثية، والحالات الطبية المزمنة الأخرى.
  3. التغيرات الديموغرافية والاجتماعية:

    • شيخوخة السكان: مع ازدياد أعداد كبار السن، تزداد الحاجة للدم في المستشفيات، بينما قد تقل أعداد المتبرعين النشطين في هذه الفئة العمرية.
    • ضيق الوقت: أنماط الحياة الحديثة قد تُجعل من الصعب على الأفراد تخصيص وقت للتبرع بالدم.
    • عدم الوعي الكافي: على الرغم من الحملات، قد لا يكون الوعي بأهمية التبرع بالدم بالقدر الكافي لدى جميع شرائح المجتمع.
  4. تحديات لوجستية وتشغيلية:

    • أماكن التبرع: قد لا تكون مراكز التبرع مُنتشرة بشكل كافٍ أو سهلة الوصول للجميع.
    • مواعيد العمل: قد لا تُناسب مواعيد عمل المراكز جداول المتبرعين.
    • تخزين الدم: الدم له فترة صلاحية محدودة، مما يتطلب تجديد الإمدادات باستمرار.

تفاصيل الدعوة الوطنية للتبرع بالدم في بريطانيا:

أطلقت هيئة خدمات الدم وزراعة الأعضاء في إنجلترا (NHS Blood and Transplant – NHSBT) نداءً وطنياً عاجلاً، مُشددة على النقاط التالية:

  1. الحاجة الماسة لجميع فصائل الدم: على الرغم من أن بعض الفصائل قد تكون أكثر ندرة (مثل فصيلة O سالب، التي تُعد “المُتبرع الشامل” وتُستخدم في حالات الطوارئ القصوى)، إلا أن النقص يُؤثر على جميع الفصائل بشكل عام.
  2. دعوة خاصة للمتبرعين الجدد: تُركز الحملة بشكل خاص على جذب متبرعين جدد، لتوسيع قاعدة المتبرعين وضمان استدامة الإمدادات في المستقبل.
  3. أهمية التبرع المنتظم: تُشجع الحملة المتبرعين الحاليين على الالتزام بمواعيد التبرع المنتظمة، حيث يُمكن للمتبرع الواحد أن يُنقذ حياة ثلاثة أشخاص بفضل تبرع واحد.
  4. سهولة وبساطة العملية: تُؤكد الحملة على أن عملية التبرع بسيطة، آمنة، وتستغرق وقتاً قصيراً (حوالي ساعة من الوصول إلى المغادرة، منها 5-10 دقائق للتبرع الفعلي بالدم).
  5. توفير مراكز التبرع: يتم الإعلان عن مواقع مراكز التبرع الدائمة والمتنقلة عبر الموقع الإلكتروني لـ NHSBT ومنصات التواصل الاجتماعي لتسهيل الوصول للمتبرعين.
  6. توضيح معايير الأهلية: يتم توضيح الشروط والمعايير التي يجب توافرها في المتبرع (العمر، الوزن، الحالة الصحية، الأدوية، السفر الأخير إلى بعض المناطق) لتجنب الإحباط وتسهيل عملية الفحص.
  7. التركيز على قصص النجاح: تُبرز الحملة قصص المرضى الذين استفادوا من التبرع بالدم لتعزيز الوعي بأهمية هذا العمل الإنساني.
  8. دور الأفراد والمجتمع: تُشدد الدعوة على أن التبرع بالدم هو مسؤولية مجتمعية، وأن مساهمة كل فرد يُمكن أن تُحدث فرقاً هائلاً في إنقاذ الأرواح.

لماذا يُعد التبرع بالدم أمراً حيوياً؟

التبرع بالدم ليس مجرد فعل خيري، بل هو ضرورة طبية لا غنى عنها. الدم لا يُمكن تصنيعه معملياً، والمصدر الوحيد له هو المتبرعون من البشر. يُستخدم الدم ومشتقاته في:

  • حالات الطوارئ: ضحايا الحوادث، العمليات الجراحية الكبرى، النزيف الحاد.
  • مرضى السرطان: يحتاجون إلى نقل الدم لمواجهة آثار العلاج الكيميائي والإشعاعي.
  • أمراض الدم الوراثية: مثل الثلاسيميا والأنيميا المنجلية، التي تتطلب نقل دم منتظم.
  • الولادة: في حالات النزيف الشديد بعد الولادة.
  • عمليات زراعة الأعضاء: تتطلب كميات كبيرة من الدم.

الخلاصة: قطرة دم قد تُنقذ حياة!

أزمة نقص الدم في بريطانيا هي تذكير صارخ بأن هذه الإمدادات الحيوية ليست مضمونة، وأن الحاجة إليها مُستمرة. الدعوة الوطنية للتبرع بالدم ليست مُجرد طلب، بل هي فرصة لكل مواطن مؤهل لتقديم مساهمة حقيقية ومباشرة في إنقاذ الأرواح وتحسين جودة الرعاية الصحية. إذا كنت مؤهلاً، لا تتردد في التبرع. قطرة دم واحدة منك يُمكن أن تُحدث فرقاً هائلاً في حياة شخص آخر، وتُساعد بريطانيا على تجاوز هذه الأزمة الصحية الحالية. هل أنت مستعد لتكون جزءاً من هذا الحل؟