أزمة الدولار بين الكورونا وحرب روسيا وأوكرانيا

بيزنس

اسمتع الي المقالة
0:00

أزمة الدولار بين الكورونا وحرب روسيا وأوكرانيا

كتب : د. عماد قطارة

خلقت جائحة فيروس كورونا «كوفيد-19»، أزمة إنسانية وصحية غير مسبوقة. فقد أدت الإجراءات الضرورية لاحتواء الفيروس إلى إحداث هبوط اقتصادي، وهناك درجة كبيرة من عدم اليقين في الوقت الراهن حول مدى حدتها وطول مدتها.

ويوضح آخر عدد من تقرير الاستقرار المالي العالمي أن النظام المالي وقع عليه تأثير حاد بالفعل، ويمكن أن يؤدي امتداد الأزمة إلى التأثير على الاستقرار المالي العالمي.

حدث هبوط حاد في أسعار الأصول الخطرة منذ تفشي هذه الجائحة، وفي أسوأ نقطة من موجة البيع الأخيرة، عانت الأصول الخطرة من انخفاضات تعادل أو تزيد على نصف الانخفاضات التي حدثت.

فعلى سبيل المثال، يحمل الكثير من أسواق الأسهم – في الاقتصادات الكبيرة والصغيرة على السواء – انخفاضات بنسبة ما في فترة القاع.

وحدثت قفزة في فروق العائد، خاصة بالنسبة للشركات ذات المراتب الأدنى، كذلك ظهرت علامات الضغط في كبريات أسواق التمويل قصير الأجل، بما في ذلك السوق العالمية للدولار الأمريكي.

توترت الأسواق وارتفع التقلب بدرجة حادة، فوصل في بعض الحالات إلى مستويات لم نشهدها منذ الأزمة المالية العالمية، في سياق عدم اليقين بشأن التأثير الاقتصادي للجائحة.

ومع ارتفاع التقلب الحاد، حدث تراجع كبير في سيولة الأسواق، بما في ذلك الأسواق التي يُنظَر إليها تقليديًا كأسواق عميقة، مثل سوق سندات الخزانة الأمريكية، مما أسهم في حدوث تحركات مفاجئة في أسعار الأصول.

وفي المُجْمَل، حدوث تحول هائل نحو اليسار في توزيع النمو العالمي لعام مقبل، بسبب التشديد الحاد للأوضاع المالية العالمية منذ تفشي فيروس كوفيد-19، إلى جانب التدهور الحاد في آفاق الاقتصاد.

ويشير هذا إلى زيادة كبيرة في مخاطر التطورات السلبية التي تواجه النمو والاستقرار المالي، حيث أيضًا يمثل الصراع ضربة قوية للاقتصاد العالمي ستضر بالنمو وسترفع الأسعار.

وإذا نظرنا إلى ما هو أبعد من المعاناة والأزمة الإنسانية الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، لوجدنا أن الاقتصاد العالمي بأكمله سيشعر بآثار تباطؤ النمو وزيادة سرعة التضخم، وسوف تتدفق هذه الآثار من خلال ثلاث قنوات رئيسية.

أولًا: ارتفاع أسعار السلع الأولية كالغذاء والطاقة سيدفع التضخم نحو مزيد من الارتفاع، مما يؤدي بدوره إلى تآكل قيمة الدخول وإضعاف الطلب.

ثانيًا: الاقتصادات المجاورة بصفة خاصة سوف تصارع الانقطاعات في التجارة وسلاسل الإمداد وتحويلات العاملين في الخارج، كما ستشهد طفرة تاريخية في تدفقات اللاجئين.

ثالثًا: تراجع ثقة مجتمع الأعمال وزيادة شعور المستثمرين بعدم اليقين سيؤدى إلى إضعاف أسعار الأصول، وتشديد الأوضاع المالية، وربما الحفز على خروج التدفقات الرأسمالية من الأسواق الصاعدة.

وبما أن حجم الأزمة الإنسانية التي تسببت بها هذه الحرب صاعق، فالغزو الروسي وجه ضربة هائلة للاقتصاد الأوكراني، وألحق أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية.

وتحتاج أوكرانيا إلى دعم مالي هائل على الفور، إذ تكافح من أجل الحفاظ على اقتصادها، وعلى مواصلة الحكومة عملها لدعم المواطنين الأوكرانيين، الذين يعانون من الوضع الصعب الناجم عن الحرب ويتأقلمون معه.

ولقد زادت الحرب من المخاوف المتصاعدة من حدوث تباطؤ عالمي حاد، وارتفاع مستويات التضخم والديون، وازدياد مستويات الفقر.

وقد انتقل الأثر الاقتصادي من خلال قنوات متعددة، تضمنت أسواق السلع الأولية والأسواق المالية، وروابط التجارة والهجرة، والأثر السلبي على الثقة.

وتلحق الحرب أضرارًا شديدة أيضًا بالاقتصادات الصاعدة والنامية في منطقة أوروبا وآسيا الوسطى، التي كانت تتجه بالأساس نحو منعطف تباطؤ النشاط الاقتصادي هذا العام بسبب التأثيرات المستمرة للجائحة والصدمات التي ضربت أسواق السلع الأولية والتجارة والتمويل.